أفكار تربوية في رمضان
ها هو شهر رمضان قد حلَّ بنفحاته وبركاته، ويستعد الجميع لاستقباله، كلٌّ حسب نيته، الأسرة بشراء السلع الغذائية الرمضانية والتخطيط لعزائم وموائد الإفطار، ووسائل الإعلام التي لا تغفل أيضًا عن الاستعداد للشهر الكريم بطريقتها الخاصة.
عادات وتقاليد
رمضان من المواسم التي اعتادت الأسرة على الإعداد والتهيئة لقدومها، وخاصةً الأسر الملتزمة، والتي يلتزم أفرادها بصلاة التراويح، وتشجيع الأبناء على تلاوة القرآن والذكر والاستغفار، وإحياء ليلة القدر، وصلة الرحم.. وغيرها من أعمال الخير التي ارتبطت في الأذهان بشهر رمضان الكريم.
لكنها مع الوقت أصبحت عادات وتقاليد.. اعتاد الفرد أن يقوم بها في الشهر الكريم، وربما يفتقد لذتها وطعم تلك الطاعات مع مرور الوقت، ويشتكي الكثير من الآباء من أنهم يدفعون الأبناء دفعًا إلى الالتزام بتلك الطاعات.
ربما نحتاج كأفراد وأسر إلى الوقوف وقفةً بعمق مع تلك الطاعات التي اقتربت من كونها عادات وتقاليد ولنصقلها هذا العام بروحٍ مختلفة؛ روح تتلمس لذة الطاعة وتستنشق عبير الإيمان وليس جسد يركع ويسجد ويسبح ويستغفر بلا روح.
يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي: "أية معجزة إصلاحية أعجب من هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يومًا في كل سنة ليحل في محله تاريخ النفس؟
أما- والله لو عمَّ هذا الصوم الإسلامي أهل الأرض جميعًا لآل معناه أن يكون إجماعًا من الإنسانية كلها على إعلان الثورة شهرًا كاملاً في السنة لتطهير العالم من رذائله ومفاسده، ومحق الأثرة والبخل فيه، وطرح المسألة النفسية ليتدراسها أهل الأرض".
منحة وهبة إلهية يحتاجها الفرد والأسرة، كي تُعمل في العقل والقلب والجوارح فيخرج المرء من تلك المدرسة وقد أخذ من الزاد الذي يؤثر على سلوكه طوال العام وحتى رمضان المقبل.
رمضان.. والأسرة، الحر، إنفلونزا الخنازير وأشياء أخرى
الأسرة لبنة المجتمعات، لو أنها لن تنهل من نفحات هذا الشهر الكريم، سيفوتها من الخير الكثير، الزوج والزوجة، الأم والأب، الأبناء والعائلة الكبيرة .
هذا العام يأتي شهر رمضان مع أيام الصيف الحارة، ومع بداية عام دراسي، وفي ظلِّ أجواء مشحونة بالحديث عن الأمراض كإنفلونزا الطيور والخنازير والكثير من أحداث وقضايا الساعة مثل أوضاع إخواننا في غزة وبعض الأقليات المسلمة المضطهدة؛ مما يزيد من دور الفرد والأسرة لاستثمار الشهر الفضيل كي يلقي بظلاله إيمانيًّا وعباديًّا وثقافيًّا وصحيًّا، ويزيد من روابط بين المسلمين في بقاع الأرض.
الأبناء خاصة في حاجةٍ إلى كل جهدٍ من الآباء لتكون أيام رمضان بمثابة مولد الطاقة الذي يدفعهم إلى كل ما ننادي به طوال العام من التزامٍ بعباداتٍ وأخلاقٍ وعلاقاتٍ اجتماعية سوية واهتمام بأحوال المسلمين.
تلك الطاقة التي ستحفزهم لتحمل الصيام في أيام الصيف الحارة ويزيد من إدراكهم الصحي مع تزايد الأمراض وتزيد من مستوى أدائهم نحو العمل الجاد كبدايةٍ لعامٍ دراسي مع كثرة شكوى الأمهات والآباء من الكسل والخمول الذي يعتري الأبناء هذه الأيام.
عدة محاور نعرض أفكارًا منها للآباء والمربين يمكن من خلالها غرس بعض القيم خلال شهر رمضان الكريم:
1- محور إيماني وعبادي
2- محور اجتماعي وسلوكي
3- محور صحي
4- محور ثقافي
1- المحور الإيماني
يرتبط شهر رمضان عند الكثير من عامة الناس حتى غير المتدين منهم بالصيام وصلاة التروايح وختم القرآن، فأصبحت كعاداتٍ يقوم بها الناس في هذا الشهر تنقضي بانقضائه ولا تجد لها أثرًا يُذكر على النفس، أما من يبحث عن غذاءٍ لروحه فهو يسعى لشيءٍ آخر ربما يشابه ما يقوم به العامة.
إنه يبحث عن علاقةٍ وصلةٍ وطيدةٍ بالله سبحانه وتعالى؛ يبحث عن لذة الطاعة وحلاوة الإيمان، ويجتهد أن يستثمر نفحات رمضان للحصول على هذه اللذة هو ومَن معه، وخاصةً الأبناء والناشئة.
هذه بعض الأفكار البسيطة التي يمكن للمربي أو ولي الأمر أن يتبعها مع أبنائه، ومن أهدافها أن يكون رمضان هذا العام:
- رحلة البحث عن حلاوة الإيمان.
- فرصة لاعتياد جلسات الخلوة مع الله سبحانه وتعالى بالدعاء والذكر.
- الاهتمام بكيفية العبادة لا بكمها.
- فرصة للأهل لربط الأبناء ببعض المعاني التي تزيد من إداركهم بمراقبة الله سبحانه وتعالى.
أ- (مسبحتي) ألا بذكر الله تطمئن القلوب:
كثيرٌ منا كآباء أو بالغين نقصر في عبادة الذكر ولا نعطي لها حقها، وإن كان لها قدر في يومنا، لكنه قدرٌ يسير نقوم به من باب الواجب دون أن نعيش لحظات مناجاة.
الهدف:
1- ربط الأبناء بذكر الله سبحانه وتعالى، وعلاقة ذلك بطمأنينة القلب وسكون النفس وهدوء الأعصاب.
2- تعويد الأبناء على جلسةٍ لذكر الله يوميًّا.
الفكرة:
في جلسة خاصة مع بداية رمضان يُوزع الوالدان مسبحةً على كل فردٍ في الأسرة (مع ملاحظة توضيح أن الأصل في السنة ذكر الله باليد وليس بالمسبحة)، يتحدث المربي أو الأب عن قصص واقعية حول لذة الذكر وطمأنينة القلب بذكر الله.. ويشير إلى أهمية استشعار ذلك، وليس فقط السرعة في الأداء والكم.
يطلب منهم أن يستخدموا النموذج الموضح، والذي يحتوي على 30 حبة هي أيام رمضان، في كل يوم يكتب الابن ما قام به من ذكر وليكن كمثال ( 100 استغفار)، فإن استشعر الاستغفار يلون الحبة باللون الأخضر، وإن لم يكن أعطاها لونًا آخر.